إن ظاهرة الترجمة تدور حول نقل معنى ومضمون مستند أو خطاب ما إلى اللّغة الأصلية لجمهور ما. وبالتالي، يتعين على المترجم أن يكون على دراية بالفروق الدقيقة في النص الأصلي وأن يقوم بنقلها إلى اللّغة المستهدفة لذلك النص. ومن ناحية أخرى، فإنّ اللّغات تتطوّر وتتغيّر بشكل مماثل للمجتمعات والثقافات، ووفقاً لذلك، يجب أن يكون المترجمون على دراية باللّغة المستهدفة حتى يتمكنوا من متابعة التغييرات المستمرة في لغاتهم وأن يكونوا على معرفة كاملة بقواعد اللغة.
ما هي الترجمة الإبداعيّة؟
يمكن اعتبار عمليات الترجمة بأنّها عملية آلية تبدأ من لغة ما وتنتهي بأُخرى. وهذا هو السبب بأنّه يجب التعامل مع عمليات الترجمة الآلية والترجمات العكسيّة بشكل حذر. بما أن الترجمة هي نوع من العمليات الآلية التي تبدأ من لغة وتنتهي بأخرى وتعبر “من كلمة إلى كلمة” وتُعطي الخصائص الثقافية والإقليمية أولويّة منخفضة، فإنّه يبرز في هذه المرحلة سؤال مهم: ما هي الترجمة الإبداعيّة ضمن عملية الترجمة؟
قد تكون تتساءل الآن عن معنى الترجمة الإبداعيّة. إنّ الترجمة الإبداعيّة المميزة هي مُصطلح يُستخدم للإشارة إلى عملية تكييف المحتوى المصدر من لغة إلى لغة أخرى بناءً على خصائصه الثقافية والإقليمية. بمعنى آخر، إن تعريف الترجمة الإبداعيّة يدور حول نقل معنى العِبارة الأصلية مع مراعاة سياقها الاجتماعي والثقافي.
الترجمة الإبداعيّة في الأدب
كما ذُكر سابقاً، فإن الترجمة الإبداعيّة هي عبارة عن تكييف للّغة من ثقافة إلى أخرى. وللحصول على فهم أفضل لتعريف الترجمة الإبداعيّة، دعونا نلقي نظرة على بعض الأمثلة في اثنين من التخصّصات. لقد أصبحت الترجمة الادبية الإبداعيّة في الأدب قضية بارزة فيه. على سبيل المثال، سيكون هناك تغيير أكبر بشكل ملحوظ في تفسير أغنية شعبية راقصة ممّا سيكون عليه في تفسير مجموعة كبيرة من إرشادات استخدام خلّاط المطبخ. حيث سيكون تفسير المادّة الأولى مليء بالمشاعر والتصورات الفردية، بينما سيكون تفسير المادّة الأخرى مجموعة من التوجيهات مع قدر قليل من الغموض. إليكم مثالاً حول الترجمة الإبداعيّة لتعبير اصطلاحي.
في اللّغة الإنكليزية، للتعبير عن “خداع شخص ما أو الاحتيال عليه”، يتم استخدام مصطلح “Pulling someone’s leg” والّذي يعني حرفيّاً “سحب ساق شخص ما”. ينشأ هذا التعبير الاصطلاحي من الأحداث التاريخية وحصلت له مسيرة من الانتقال الثقافي حتى الوقت الحاضر. يأتي هذا التعبير من أسلوب كان يستخدمه لصوص الشوارع في لندن في القرنين الثامن عشر والتاسع عشر. حيث كانت تتم العملية بشكل منتظم من طرف اثنين من المجرمين، أحدهم معروف باسم “tripper up” والتي تعني “الطارِح أرضاً”، وكان يتم تكليفه بالإيقاع بضحية جاهلة بما يحصل وسيئة الحظ باستخدام عصا، أو حبل، أو مجموعة من الأسلاك. بينما يقوم المجرم الآخر بالسطو على الشخص المُصاب وهو مُتمدّد على الأرض. لقد أشار “تدمير ساقك” في البداية إلى الطريقة التي حاول بها “الطارِح أرضاً” الإطاحة بشخص ما. اليوم، يشير فقط إلى جعل شخص ما يتعثّر بشكل مجازي.
وهكذا، فإنّ المعنى المقصود من التعبير في اللّغة الأصليّة لا يعني سحب ساق شخص ما جسديّاً؛ عوضاً عن ذلك، فإن الرسالة المنشودة هي خداع شخص ما أو الاحتيال عليه.
إنّ الترجمة الآليّة لهذا التعبير لا تستطيع استيعاب السياق، والفروق الدقيقة، وأن تكون واسعة النطاق. إنّها عملية آلية تعبر “من كلمة إلى كلمة”؛ وبالتالي، لا يمكنها إعادة إنتاج المعنى والانطباع الدقيقَين.
الترجمة الإبداعيّة التسويقيّة
على سبيل المثال ، عند التركيز على الترجمة الإبداعيّة التسويقيّة، يجب أن تفكر فيما إذا كانت رسالتك التسويقية سيتم ترجمتها بالشكل المُلائم. هل من الصحيح بأنك تترقّب فك رموز المحتوى فحسب اعتباراً من الآن على موقعك الإلكتروني، أم أنّك ستعمل على ضبط المادة ذات اللّغة الإنكليزيّة قبل عملية الترجمة؟ لن يتم تفسير كافّة الشعارات أو الشعارات الإعلانيّة بشكل فعّال إلى لغتك المستهدفة. إنّ هذا الأسلوب فريد من نوعه فيما يتعلق بالاستعراض لأنه يشمل ضبط الرسالة إلى لغة بديلة عوضاً عن تفسيرها. ونظراً لأنها إجراء مبتكر بشكل متزايد، فيمكن للترجمة الإبداعيّة أن تستغرق وقتاً بالإضافة إلى كونها مكلفة لحدودك الماليّة. لذلك فإنّ الترجمة ليست حول الكلمة المركّبة فحسب، ولكنها شيء امتد إلى تقدّمنا في الوقت الحاضر مثل المواقع الإلكترونيّة، البرمجة، التطبيقات، ضمانات العلامات، وما إلى ذلك.
إنّ عملية الترجمة الإبداعيّة تدور حول أخذ فكرة بلغة ما وإعادة إنتاجها بلغة أخرى عن طريق نقلها للرسالة المقصودة بشكل دقيق. وعلى النقيض من علم الحساب، حيث يكون هناك امتياز ما وجواب قائم على أُسُس، فإنّ اللّغة غير واضحة إلى حد كبير مع وجود اختلافات دقيقة من حيث الهدف بحيث لن يصل أي اثنين من المترجمين إلى ذات الرسائل بشكل كامل على الرغم من أنّ كلتاهما دقيقتين بشكل متشابه. بشكل عام، كلّما كان المستند ذو طبيعة تصوّرية بشكل أكبر كلّما زاد التفاوت بين كِلا المترجمين حولها، على الرغم من أن كلاهما يبقيان “دقيقَين”.
إنّ مهام الترجمة الإبداعيّة هي “فك رموز” و “إعادة إنتاج” المحتوى الأوّل في لغة أُخرى مع الضمان بأنّه مُلائم للمحيط الموجّه إليه. وبالتالي، يجب أن تشمل خدمات الترجمة الإبداعيّة النتيجة المثالية بشكل كامل، وأن تُمنح الفرصة ليس فقط لترجمة النص الأصلي على وجه الحصر، بل وأيضًا لإدخال تحسينات ملحوظة عليه.
في الختام، دعونا نتحدّث عن محتوى الترجمة الإبداعيّة. إنّ الهدف من الترجمة الإبداعيّة هو ليس قول شيء ما بشكل مُشابه للغاية بلغة أُخرى. وبدون أدنى شك، غالباً ما يكون من غير العملي ذكر شيء ما بشكل مُشابه للغاية بلهجة أُخرى. يُتوقَّع من الترجمة الإبداعيّة الحصول على استجابة مُماثلة في كل لغة، وهو شيء لن تستطيع الترجمة بحد ذاتها تحقيقه بشكل مؤكّد. يوجد عدد كبير من التعبيرات في جميع اللّغات والتي نُقلّل من شأنها ولا نملك أي فكرة عن أسباب نشأتها.
وكقاعدة عامة، فإن توضيحاتهم مثيرة للاهتمام حقاً وتمكّننا من سبر الماضي حين كانت حياة الأفراد مختلفة تماماً عن حياتنا اليوم.
خدمات الترجمة الاحترافية
قم بترجمة مستنداتك وتصديقها من قبل مترجم محترف لأكثر من 60 لغة، مع التسليم على مدار 24 ساعة.
احصل على عرض الآن